موت معلق


العتمةُ تُغلّف المكان، السّكون يُخيّم على أنفاس الأشباح  التي تنام بعمق هنا.. لم أتعوّد أن أُدقّق في تفاصيل الأشياء ولكنّ هذه العتمة تُجبرني لأفعل، تُشعرني بسكون عميق وتُغريني كي أتأمّل كل التفاصيل الصّغيرة. في هذه اللحظة بالضّبط، تمنّيتُ لو أنّ الليل يدوم طويلا، أو أنّني أرحل لعالم لا تُشرق فيه شمس، ورُبّما لا يُشرق فيه 'بشر'. في هذه اللحظة بالضبط يُلازمُني شعور ملكة، يمكنني أن أسيطر على كل التفاصيل، يُمكنني أن أُجرد كلّ شيء من غموضه، يمكنني أن أكتشف، فقط أحتاج وحدتي..
أتأمل الظل الذي يرسمه نور القمر المتسلل عبر النّافذة الزّجاجية، مصدر النذور الوحيد الذي لن يزعج وحدتي هو القمر، رُبّما لأنه ينتمي لليل، رُبّما لأنه ملِك لحظات الليل.
أحاول الاكتشاف، أحاول عبور التفاصيل، وأجد روحي تستنشق رائحة الموت بعمق.. بعمق وسلام واستمتاع، روحي ترقب الموت وهو يدور  حول كينونتها كدرويش صوفيّ ولا يتعب، ولا تملّ هي، تسأله بدلال روحٍ تاقت إلى الرّحيل:
- يا أيها الموت المُعلّق، إلى متى ستعبث بي هكذا في متاهتك المُحيّرة؟ إلى متى ستُحاصرني، فلا أنت أعدتني للحياة -ولو لحوافّها- ولا أنت أخذتني إلى أقاصيك لأنتهي منها؟ إلى متى ستترُكني مُعذّبة في غياهب النّسيان؟

تعليقات

  1. جميلة يا خولة
    وحشتنا كلماتك ووحشتينا

    ردحذف
  2. لله دركِ سيدتي السامقة ..!! وأنتِ ترتلين الحزن ترتيلا..
    سلمتِ وسلمتْ ناياتكِ التي عزفت القداس الأخير بأروع لحنِ..
    سأقتسم معكِ هذا الموت المعلق وأوقد دموعي وأشعلَ شموعي لأمسح حزناً طال مائدة رغيفكِ المسائي
    ..دمتِ سيدة القلم والأبداع

    باسمة السعيدي / بغداد السلام

    ردحذف

إرسال تعليق

عطر أحرفك يشجعني