المُتبقّيةُ لي


لَم أتأمّل السماء منذ يومين، أنهكتني الحمى والزكام لدرجة أنّني لم أستطع أن أفعل.
يبدو كلّ شيء متردّيا، كمعزوفة متناغمة تحولت في لحظة ما إلى نشاز لاذع، كقيثارة تمزقت أوتارها أثناء عرض حاسم، كفيضان أغرق الأرض وظلت آثاره تتبع مذ ذاك الحين.
أستلقي في فراشي لأنّني أعجز عن رفع رأسي بسبب ذلك الصّداع الغبيّ، الذي يجعل كل طاقاتي تتآكل وتسحبُني معها إلى اللاشيء. أستلقي فيبقى لِي القليل من ذاك العقل الذي يرديني قتيلةَ نفسي كل يوم. يبقى لي منه القليل لأفكّر به وأتفكّر! ليقتُلني البعض منه ويُحييني... لا غير صحيح، لا يحييني البعض الآخر.
أتأمل سقف غرفتي، فأتذكر ضيق العالم، بدل تأمل السّماء الذي يشعرني أنّني في فضاء لا يذوي أبدا، أتأمل سقف غرفتي فأختنق وأعجز عن التّنفس وأهرع إلى النّهوض غير مُبالية بكل ذلك الصّداع الذي يكاد يقتُلني ولا بالدّموع المنهمرة على وجنتي كشلّال متدفّق.  أسارع للهروب فلا ألبث إلا أن أشعر بالضعف ولا أقوى على الوقوف فأعود إلى فراشي، أغمض عينيّ وأتكوّر تحت غطائي هربًا، هربًا من كلّ ذلك الاختناق، هربًا من كلّ ما يحدُث في ذاكرتي، هربًا من كل ما يتعقبُني، هربًا من قوّة أفكاري وأنفتِها، هربًا من الأحلامِ التي لا تُفلِتُني.
رُبّما، الحال ليست بهذا السّوء الذي يبدو على الكلمات، لكنّ الكلمات تُحيط كلّ ما يُكتب بأجواء مُربكة أكثر، رُبما فقط لأنها المتبقية لي: الكلمات.

KhaOula

تعليقات