ما لا يرى




عًادةً، لا تتعلّقُ الأشياء بما في النّفسِ ولا بِما حولَها، بل تتعلّقُ بفلسفةٍ أعمق من أن تراها العينُ، أعمق بما يُمكن أن يُصيب النّفس وأعمق بما يُمكن أن يستوعبه كل شيء يُحيط بنَا.
 أمّا عنّي، المُشكلةُ ليست في الاكتئاب الذي يستنزفُني ويأخُذني عشر خطوات كُلّما أردت التّقدّم، المشكلة ليست في أنّني أستيقظ كلّ يوم وأنظر جيدّا لكل العبارات التي ألصقتها على حائط غرفتي ثمّ أعود إلى النّوم أو أغلق باب الغرفة ولا أفارقها طيلة اليوم، المشكلة ليست في أنّ أخي الصغير ذا الاثني عشر عاما يعتني بي ويراعي تقلّباتي أكثر ممّا أفعل، المشكلة ليست في الحبيب البعيد عنّي جدّا بسبب عجز يتطلّب وقتًا لِكسره، المشكلة ليست في اغترابي وفي رغبتي أن ألتصق في هذا الاكتئاب كظلّ لي، ولا في الأمل الذي بقدر ما أحبّه بقدر ما أكرهه. المشكلة ليست حتّى في روحي التي تسعى إلى التفاؤل وتُدرك جيّدا أن بعض الأشياء ستتحقّق يوما ما لكنّها رغم ذلك تحافظ على قدرتها الفذّة في الإحباط وفي جعل الهيّن صعبًا. المُشكلة في أنّني أضعف ممّا تخيّلتُ أنّني عليه يومًاـ المشكلة أنّني أريد أن أكون امرأة قويّة لكنّني أدور في حلقة مفرغة، حلقة أمنع نفسي فيها من الاقتراب من القوّة رغم أنّني أريدها جدّا. المشكلة أنّني لا أكره نفسي بل أُحبّها أكثر ممّا ينبغي و ذلك مُعادل للكره فكل شيء ليس أكثر من حلقة مفرغة، كلّ شيء ليس أكثر من شيء يبدأ حين ينتهي شيء ومن أشياء تتقابل مع عكسها إذا فاقت الجرعة اللازمة منها.

تعليقات