
لن تطول الأيّام يا صديقي، لن يطول الوقت حتى يكون كلّ شيء في مكانه الصّحيح.
لننظر للأمر من زاوية أخرى، في الواقع النّاس يموتون صباحًا ومساءً. لم يعد الأمر مقتصرًا على الحروب. لم نعُد كما كُنّا قديما، حين نسمع بموت شخص ما يصيبنا حزن واكتئاب شديد، بل أصبحت الأرواح تزهق ليلا نهارًا في كلّ بقاع الأرض، ناهيك عن الموت المفاجئ الذي قد يحضر أيّ شخص في أيّ مكان وأيّ زمان. الأسوأ من ذلك أنّ بعضنا لم يعد يشعر بتلك الرّهبة، رهبة الموت التي كانت تجتاحنا سابقًا، رغم تعاطفنا الشديد يا صديقي. لم يعد الموت غريبًا لقد بنى مستوطناته بيننا كما بنى المستعمرون الاسرائيليّون مستوطناتهم في فلسطين.
أصبحنا نستيقظ صباحًا خائفين من أن نسمع خبر موت جديد لشخص كان يضحك ويمرح معنا اللّيلة التي قبلها. أصبحنا نخشى الفرحة ونشعر أنّها ليست سوى نسمة خفيفة ستعقبها عاصفة من الأحزان. أصبح الاكتئاب يسكن بين ثنايا أرواحنا ولم نعُد نجيد تذوّق طعم الحياة. أصبحنا جميعا ذوي نفسيّات مهزوزة كأوانٍ بلّوريّة كُسرت وبقيت مشروخة لا ينفع شيء لإصلاحها.
لا يُهمّ ما كتبتُ يا صديقي، دعني فقط أعود لأقول لك ما يردّده النّاس جميعا، لأنّني لم أعُد أعلم ما أقول: لن تطول الأيّام يا صديقي، لن يطول الوقت حتّى يكون كلّ شيء في مكانه الصّحيح.
khaOula
تعليقات
إرسال تعليق
عطر أحرفك يشجعني